أكد اقتصاديون أن صعود الاحتياطيات الأجنبية لمستويات تاريخية غير مسبوقة يثبت جاذبية ومتانة ورصانة الاقتصاد الوطني وقدرته على مواجهة الأزمات والصعوبات.
وقالوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن هذا الصعود يعكس نجاح سياسات الإصلاح الاقتصادي التي تنفذها البلاد وأنها تسير في الاتجاه السليم، ما يعزز ثقة المستثمرين في قدرة الاقتصاد الوطني على التكيف مع التحديات وتحقيق نتائج إيجابية في ظل الظروف المتغيرة والتوترات السياسية التي تشهدها المنطقة.
وأضافوا أن الاحتفاظ بمستويات مريحة من الاحتياطيات الأجنبية يعزز التصنيف الائتماني للأردن، ويسهم في الحفاظ على سعر صرف الدينار، وضبط معدلات التضخم، ويعزز أداء الجهاز المصرفي والمؤسسات التمويلية، بالإضافة إلى رفع الثقة بالسياسات النقدية ويقلص الأثر المتوقع من الصدمات الخارجية.
ووصلت الاحتياطيات الأجنبية للبنك المركزي إلى مستوى قياسي جديد بلغ 19.1 مليار دولار حالياً، أي ما يكفي لتغطية مستوردات المملكة من السلع والخدمات مدة 8.3 شهر.
وقال الوزير الأسبق للمالية والخبير الاقتصادي الدكتور محمد أبو حمور، إن احتياطي العملات الأجنبية يعد أحد المؤشرات الاقتصادية المهمة التي تعبر عن متانة الاقتصاد وقدرته على مواجهة الأزمات والوفاء بالالتزامات، كما يعبر عن حصافة السياسة النقدية وقدرتها على مواكبة المتغيرات المحلية والعالمية.
وأضاف أبو حمور أن هذا المؤشر يبين أن سياسات الإصلاح الاقتصادي تسير في الاتجاه السليم، وفي ظل الظروف الحالية وما تشهده المنطقة من أزمات يكتسب هذا المؤشر أهمية خاصة ويبعث برسالة قوية الى المستثمرين تساعد على بث الطمأنينة بأن الاقتصاد الأردني قادر على استيعاب الصدمات والتجاوب معها بديناميكية تتيح الاستمرار في النمو وتحقيق نتائج إيجابية.
وذكر ابو حمور ان هذا المستوى المريح من الاحتياطيات الأجنبية الذي يغطي المستوردات من السلع والخدمات لمدة تزيد عن ثمانية أشهر كان أحد العوامل الهامة التي ساهمت في قيام مؤسسة موديز للتصنيف الائتماني برفع التصنيف الائتماني السيادي للأردن طويل الأجل بالعملة المحلية والأجنبية من B1 الى Ba3 مع نظرة مستقبلية مستقرة، وهي المرة الأولى التي يرتفع فيها التصنيف الائتماني الأردني منذ حوالي عقدين حافظ خلالهما على ثباته رغم مختلف التحديات التي عصفت بالمنطقة والعالم.
وأكد أن الاحتفاظ باحتياطيات مناسبة من العملات الأجنبية يعزز التصنيف الائتماني ويتيح الوصول الى مصادر تمويل بأسعار فوائد معتدلة، باعتبار أن هذه الاحتياطيات تعد مؤشراً هاما يشير الى القدرة على تحمل الالتزامات والأعباء الناجمة عن الديون الخارجية وسدادها في مواعيدها.
وتابع "هو أيضاً يساعد في الحفاظ على سعر صرف العملة المحلية وعلى قدرتها الشرائية مما يساهم في تقليص نسب التضخم ويحافظ على الظروف المعيشية للمواطنين ويعزز أداء الجهاز المصرفي والمؤسسات التمويلية مما يساهم في توفير بيئة اقتصادية مستقرة".
وأشار إلى ان الاحتفاظ باحتياطيات مناسبة من العملات الأجنبية يعزز الثقة بالسياسات النقدية ويتقلص الأثر المتوقع للصدمات الخارجية أو الازمات الطارئة وتزيد جاذبية الاقتصاد الوطني وقدرته على تلبية احتياجاته من المستوردات.
بدوره، قال عضو مجلس إدارة غرفة صناعة عمان المهندس موسى الساكت، إن حجم الاحتياطي مؤشر مهم لاداء الاقتصاد الوطني، مشيرا إلى أن الاحتياطي معرض للارتفاع وايضًا للانخفاض.
وبين الساكت، أن الاحتياطي يرتفع نتيجة للسحب على القروض الخارجية، أو استلام المنح الأجنبية، ووصول حوالات المغتربين، وزيادة إنفاق السياح الأجانب، أو بسبب حصيلة الصادرات الوطنية من السلع والخدمات.
وأوضح أن الاحتياطي ينخفض نتيجة لتسديد القروض الخارجية وفوائدها، وإنفاق الأردنيين على السياحة في الخارج، وحوالات العمالة الوافدة إلى بلادها، أما الاستهلاك الأكبر للاحتياطي فيأتي من جهة المستوردات.
وأشار الساكت إلى أن معظم البلدان خاصة النامية تسعى إلى مراكمة احتياطيات من النقد الأجنبي بهدف تحقيق عدد من الأهداف منها؛ القدرة على توفير بيئة اقتصادية مستقرة، تعزيز ثقة المستثمرين خصوصا الاستثمار الاجنبي في الاقتصاد الوطني، القدرة على مواجهة الصدمات، بالاضافة إلى تشجع وكالات التصنيف الائتماني على إصدار تصنيفات ائتمانية جيدة.
وذكر الساكت أن الاحتياطي النقدي وسيلة للمدفوعات بشتى أنواعها ومنها تغطية المستوردات لفترة زمنية مقبلة، وايضاً الحفاظ على السيولة في حالة حدوث طارىء، وارتفاعها يعد مؤشر اطمئنان على قوة الدينار واستقراره.
من جانبه، أشاد رئيس جمعية مستثمري شرق عمان الصناعية الدكتور إياد أبو حلتم بالسياسة النقدية المتبعة في المملكة على مدار ثلاثة عقود متتالية، مؤكدا أن هذه السياسة أثبتت فاعليتها وجدواها بشكل كبير، خاصة في تثبيت سعر صرف الدينار الأردني وربطه بالدولار، ما أدى إلى استقرار عملية الصرف على مدار العقود الثلاثة الماضية.
وأضاف الدكتور أبو حلتم، العضو كذلك بمجلس إدارة غرفة صناعة عمان، أن هذا الاستقرار في سعر الصرف ساهم في الحفاظ على جاذبية الدينار الأردني وثباته، ما زاد من ثقة الأسواق والمستثمرين في البيئة الاستثمارية في الأردن.
وشدد على أهمية الاحتياطات من العملة الصعبة ونموها المستمر في الحفاظ على استقرار سعر صرف الدينار وتوفير العملات الأجنبية اللازمة لاستيراد المواد الأساسية.
وأكد الدكتور أبو حلتم أن استمرار هذه العملية يعكس ثبات الاقتصاد الوطني ومتانته، ويسهم في تعزيز التصنيف الائتماني للأردن، مشيراً إلى أن هذا الموضوع يعد إيجابية بالغة في معايير الاقتصاد الكلي للمملكة.
من جانبه، قال عضو مجلس إدارة المنتدى الاقتصادي الأردني والمستشار في الاستثمار والأعمال محمد القريوتي، إن الاحتياطيات النقدية من العملات الأجنبية وصلت اليوم الى 19.1 مليار دولار ،وهذا الرقم يكفي لتغطية مستوردات الأردن من السلع والخدمات مدة 8.3 شهر وهي من أعلى نسب التغطية عالميا.
وأضاف أن الاحتياطيات النقدية من العملة الأجنبية في عام 2019 كانت 14.3 مليار دولار، وبذلك نمت هذه الاحتياطيات خلال 6 سنوات بنسبة 34 بالمئة، ورغم كل ذلك انخفضت نسبة الدولرة الى ما يقارب من 17 بالمئة، وكانت في عام 2019 نسبتها 20.6 بالمئة، وبذلك أرصدة الودائع في البنوك الأردنية بالدينار الأردني تصل نسبتها 80 بالمئة، من مجموع الودائع الكلية و20 بالمئة فقط بالعملة الأجنبية.
وبين القريوتي أنه رغم التذبذبات العالية في الأسواق العالمية والتحديات الجيوسياسية المختلفة والحروب الجائرة في المنطقة وتعقد تحديات سلاسل الإمداد والتوريد، وتأثر قطاعات اقتصادية كثيرة سلبا نتيجة لذلك وما حمله من تأثير مباشر على تدفق العملة الأجنبية، إلا أن الأردن استطاع أن يحافظ على منعة اقتصاده ورصانة مركزه المالي والنقدي.
وأكد أن لسياسة البنك المركزي الأردني الحصيفة الدور الأكبر في خلق هذا التوازن الثابت في محيط يعيش في دوامة، كما أن السياسة المالية لعبت دورا مهما في تثبيت رواسخ المنعة الاقتصادية، وهذا كله ترجم في ثبات التصنيف الائتماني الحالي للأردن عند هذا المستوى الجيد وبالنظرة المستقبلية المستقرة، والذي أعطى الأردن مساحة كبيرة في المفاوضة والحصول على أفضل الشروط للمنح والقروض وبأقل الاسعار مقارنة مع دول اخرى تضاعفت الكلف والأعباء الاقتصادية عليها نتيجة تدني تصنيفها.
وأشار القريوتي إلى أن هذه الجهود مكنت الأردن أيضا من الاتفاق على برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي لمدة 4 سنوات بقيمة 1.2 مليار دولار، وبرنامج آخر مع البنك الدولي لمدة 5 سنوات بقيمة 576 مليون دولار، يضاف لها حزم مالية مختلفة من الاتحاد الأوروبي وآخرها حزمة مساعدات ألمانية جديدة للأردن تقارب 619 مليون يورو من منح وقروض ميسرة لهذا العام والعام القادم.
وأكد أن تعاظم الاحتياطيات النقدية من العملة الأجنبية ووصولها الى هذه المستويات المريحة في محيط يسوده عدم اليقين، وثبات التصنيف الائتماني عند هذه المستويات المتقدمة ، تعد كلها رواسخ داعمة لاستقرار مالي ونقدي وترجمة فعلية على خطى رؤية التحديث الاقتصادي الطموحة التي تبناها الأردن للوصول الى المنعة الاقتصادية والرفاه الاجتماعي.
واشار القريوتي إلى أن تعاظم الاحتياطيات النقدية من العملة الأجنبية، يؤكد أن الأردن دولة مؤسسات راسخة تقف صامدة أمام الصعوبات التي أرهقت دولا أخرى كبيرة في حجمها وغنية بمواردها ولكن لم تستطع الصمود كما هو حال الأردن صامد ومتمكن.
بدوره، قال المدير العام لجمعية البنوك الأردنية الدكتور ماهر المحروق، إن الاحتياطيات الأجنبية للمملكة وصلت إلى مستوى غير مسبوق، موضحا أن هذا يعكس قدرة الاقتصاد الوطني على تلبية احتياجاته من المستوردات لفترة 9 أشهر وهذا الرقم يفوق بثلاثة أضعاف المعدل العالمي المطلوب للحفاظ على الاحتياطيات.
وأضاف أن هذا الإنجاز يعكس قوة واستقرار الاقتصاد الوطني، وذلك بفضل السياسات النقدية الحكيمة التي اتخذها البنك المركزي الأردني، مشيرا إلى أن هذه الاحتياطيات لم يتم تجميعها بطريقة تقليدية، بل جاءت نتيجة لسلسلة من الإجراءات والسياسات التي تهدف إلى تحقيق أهداف البنك المركزي، والتي تشمل الحفاظ على الاستقرار النقدي وتحقيق معدلات نمو مرتفعة وضبط معدلات التضخم.
وأكد الدكتور المحروق أن هذا الإنجاز يعكس القدرة الوطنية والجاذبية الاقتصادية للأردن، مشددا على ضرورة مواصلة العمل بجد للحفاظ على هذا الأداء المتميز وتعزيزه في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية الحالية في المنطقة.
--(بترا)